الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سير أعلام النبلاء
نعم.فقال الشيخ: فأخبرني عن الله حين قال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} [المائدة: 3] هل كان الصادق في إكمال دينه أو أنت الصادق في نقصانه حتى يقال بمقالتك هذه؟فسكت فقال: أجب فلم يجب.فقال: يا أمير المؤمنين اثنتان.ثم قال: يا أحمد أخبرني عن مقالتك أعلمها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أم لا؟قال: علمها.قال: فدعا الناس إليها؟فسكت.فقال: يا أمير المؤمنين ثلاث.ثم قال: يا أحمد فاتسع لرسول الله أن يعلمها وأمسك عنها كما زعمت ولم يطالب أمته بها؟قال: نعم.واتسع ذلك لأبي بكر وعمر؟قال: نعم.فأعرض الشيخ وقال: يا أمير المؤمنين قد قدمت أنه يضعف عن المناظرة إن لم يتسع لنا الإمساك عنها فلا وسع الله على من لم يتسع له ما اتسع لهم.فقال الواثق: نعم اقطعوا قيد الشيخ.فلما قطع ضرب بيده إلى القيد ليأخذه فجاذبه الحداد عليه.فقال الواثق: لم أخذته؟قال: لأني نويت أن أوصي أن يجعل في كفني حتى أخاصم به هذا الظالم غدا.وبكى فبكى الواثق وبكينا ثم سأله الواثق أن يجعله في حل فقال: لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراما لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-؛ لكونك من أهله.فقال له: أقم قبلنا فننتفع بك وتنتفع بنا.قال: إن ردك إياي إلى موضعي أنفع لك أصير إلى أهلي وولدي فأكف دعاءهم عليك فقد خلفتهم على ذلك.قال: فتقبل منا صلة؟قال: لا تحل لي أنا عنها غني.قال المهتدي: فرجعت عن هذه المقالة وأظن أن أبي رجع عنها منذ ذلك الوقت.
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 315 - مجلد رقم: 11
|